لماذا قرّرت المملكة إلغاء نظام الكفالة

لماذا قرّرت المملكة إلغاء نظام الكفالة؟

أقرّت حكومة المملكة العربية السعودية مؤخرًا حزمة تغييرات وتحديثات لنظام العمالة، لتنظيم سير العمل والعلاقة بين العامل الوافد وصاحب العمل. وبموجب التعديلات الجديدة، فرضت المملكة قواعد جديدة في بعض وظائف القطاع الخاص للوافدين. وبذلك تكون القواعد الجديدة بديلًا لنظام الكفالة المعمول به منذ أكثر من 70 عامًا.

حيث أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني عن مبادرة لتحسين العلاقة التعاقدية للعاملين الوافدين بالقطاع الخاص. ومن المنتظر أن يبدأ العمل بالمبادرة في 14 مارس/آذار الجاري، تماشيًا مع الاتفاقيات الدولية لحقوق العمال التي وقعتها المملكة.

تاريخ نظام الكفالة و لماذا قرّرت المملكة إلغاء نظام الكفالة؟

طُبِّقَ نظام الكفالة  في المملكة منذ أكثر من سبعة عقود لتنظيم العلاقة بين العامل الوافد وبين صاحب العمل. وكانت العلاقة بين الطرفين تبدأ بوساطة مكاتب الاستقدام، قبل أن يصل العامل الوافد إلى المملكة ليلتزم بالعمل لدى كفيل واحد. ووفقًا لبنود العقد، لا يحق للعامل الوافد الانتقال للعمل لدى صاحب عمل آخر إلا من خلال الإعارة لفترة محدودة ، أو من خلال نقل الكفالة بموافقة صاحب العمل.

وبموجب نظام الكفالة ، يكون صاحب العمل هو المسؤول عن العامل اجتماعيًا وأمنيًا ووظيفيًا. حيث كانت تجري أغلب معاملات العامل مع الجهات الحكومية من خلال الكفيل. بالإضافة إلى بعض التعاملات الأخرى مثل: فتح حساب، أو الحصول على رخصة قيادة، أو طلب استقدام زوجته وأولاده. كذلك كان الكفيل يحتفظ بجواز سفر العامل، ولا يجوز أن يغادر المملكة إلا بإذنه. وفي حال حدوث نزاع بين الطرفين، تتولى مكاتب العمل والجهات ذات الاختصاص مسؤولية الفصل في النزاع.

وبالطبع كانت هناك قيود يفرضها نظام الكفالة. حيث يضع الكفيل قيودًا على العامل مثل المنع من السفر تحت أي ظرف، وعدم السماح بالسفر إلا بإذن خطي. إلى جانب منع العامل من الانتقال إلى عمل آخر، أو حتى تحسين الدخل بممارسة عمل آخر إلى جانب المهنة التي يؤديها للكفيل. ومثلت هذه القيود عبئًا كبيرًا على كاهل العاملين في ظل تدني الأجور وارتفاع رسوم تجديد الإقامات.

علاوة على أن قانون الكفالة يجعل العامل تحت رحمة الترحيل من جانب الكفيل في أي وقت. حتى وإن كان يعيش داخل المملكة مع عائلته، أو كان معرضًا لظرفٍ معين يمنعه من السفر أو الرحيل في ذلك الوقت.

أسباب تبني المملكة لمبادرةتحسين العلاقة التعاقدية

تتطلّع المملكة بشدة إلى دفع عجلة النمو الاقتصادي تماشيًا مع رؤية المملكة 2030. حيث تستهدف الرؤية المستقبلية تنويع اقتصاد المملكة، الأمر الذي يستوجب إجراء مجموعة من الإصلاحات لتنظيم سوق العمل في السعودية. ومن المنتظر أن يحقق اقتصاد المملكة العديد من المكاسب نتيجة تبنى مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية.

وبخلاف ما سبق، فهناك العديد من العوامل التي دفعت بالمملكة إلى تبنّي هذه المبادرة، ومن أهمها:

  • جذب عمالة وافدة ذات مهارات عالية: تفتح مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية الباب على مصراعيه أمام أصحاب الأعمال لجذب واستقطاب المهارات العالية وأصحاب التخصصات الدقيقة الذين لا يرغبون في الخضوع لنظام الكفالة.

وهذا من شأنه أن يزيد تنافسية سوق العمل في السعودية، ويزيد إنتاجية العمالة الأجنبية التي ستضم أفضل الكفاءات. بالإضافة إلى تقليل العمالة التي تفتقر إلى الكفاءة، من العاملين الذين أسهم نظام الكفالة في استقدامهم. حيث فتح نظام الكفالة المجال أم السوق السوداء لبيع التأشيرات، الذي تسبّب في دخول عمالة فائضة تفتقر إلى الكفاءة لسوق العمل السعودي.

  • تقليل النزاعات والخلافات التعاقدية: من أهم مكاسب مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية أنّها ستقلل النزاعات العمالية أمام القضاء السعودي.

إلى جانب علاج بعض التحديات التي ينشأ أغلبها عن عدم التزام الكفيل بأداء الحقوق الخاصة بالعامل. وكانت تلك التحديات تسبب الأضرار للعاملين، الذين يضطرون إلى اللجوء للقضاء من أجل الحصول على حقوقهم. وبالتالي فإنّ المبادرة ستحد من الخلافات العمالية عن طريق الاستناد إلى عقد العمل بالقواعد الجديدة.

  • خفض معدل البطالة بين السعوديين: حيث ارتفعت معدلات البطالة بين السعوديين إلى 15.4% خلال الربع الثاني من عام 2020، بزيادة 1.3% عن نفس الفترة من عام 2019. ويرجع سبب ذلك إلى تفشي فيروس كورونا وتراجع أسعار النفط وفقًا لبيانات هيئة الإحصاء السعودية.

وتهدف المملكة بسياسات العمل الجديدة إلى زيادة جاذبية العمالة السعودية في عيون أصحاب العمل بالقطاع الخاص. حيث يتمتع المواطن السعودي بأفضلية نسبية عن العامل الأجنبي تكمن في سهولة الوصول إليه متى دعت الحاجة. مما سيسفر في النهاية عن خفض معدلات البطالة بين السعوديين.

وتجدر الإشارة إلى أنّ المواطن السعودي كان أكبر المتضررين من نظام الكفالة لأنّه منح العامل الوافد أفضليةً على حساب المواطن لدى أصحاب الأعمال. وقد أدّى ذلك إلى زيادة معدل البطالة بين السعوديين وخفض مستوى الأجور

لماذا قرّرت المملكة إلغاء نظام الكفالة؟

تأتي مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية ضمن إطار خطط المملكة، التي ترتكز على حزمة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية. حيث تستهدف المملكة تعزيز القطاع الخاص، وتنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على النفط. وهو ما سيعود بالنفع على العاملين وأصحاب الأعمال، واقتصاد المملكة ككل مستقبلًا.

وبهذا نكون أجبنا علي التساؤل القائم لماذا قرّرت المملكة إلغاء نظام الكفالة؟

 

اضغط علي الرابط لتسجيل تجربة مجانية ل برنامج ادارة الموارد البشرية يونوفا