تخطيط القوي العاملة

تخطيط القوى العاملة بالاستراتيجيات كان هدفًا للعديد من المنظمات، بعد أن دفعتهم أحداث العام الماضي إلى إلقاء نظرةٍ مقربة عليه. ففي التخطيط التقليدي للقوى العاملة، تحلّل المنشأة القوى العاملة لتحدد كيفية الاستعداد لاحتياجات التوظيف المستقبلية. كما تجري تقييمًا منهجيًا لمحتوى القوى العاملة ومشكلات تكوينها، التي تشمل توافر المرشحين المتوقع. قبل أنّ تحدد طبيعة الإجراء الذي سيتم اتّخاذه مثل تعيين المزيد من المبرمجين أو الاستعداد لموجةٍ من حالات التقاعد. والهدف هنا هو ضمان امتلاك المنظمة للشخص المناسب، بالمهارات المناسبة، في الوظيفة المناسبة لتحقيق أهدافها خلال السنوات المقبلة.

ولكن في العديد من المنشآت، كان تخطيط القوى العاملة أكثر من مجرد تدريبٍ على إحصاء الموظفين. وما تحتاجه المنشآت فعليًا هي خطة استراتيجية تتوافق مع الأهداف الإجمالية للمنشأة، سواءً كانت تشمل زيادة الأرباح أو الأداء الأفضل. وتشير بعض الاستطلاعات إلى أنّ عدد أصحاب الأعمال الذين يمتلكون خطة قوى عاملة استراتيجية فعّالة يتراوح بين 40% إلى 50%. وهذه الخطط تهتم بالموظفين وتزيد مشاركتهم وتطوّر مهاراتهم وقدراتهم.

لكن الجائحة خلقت فرصةً هائلة للجميع من أجل إحداث التغييرات. والعديد من المنشآت شكّلت مثلًا فرقًا لإدارة الأزمات مع ممثلين من أقسام الموارد البشرية، وتقنية المعلومات، والعمليات، والقسم القانوني. وكان من المفترض أن تتواجد تلك الفرق الاستراتيجية قبل وقتٍ طويل، ولكن أن تصل متأخرًا خيرٌ من أن لا تصل.

كما ظهرت العديد من الاتجاهات التي تؤثر على القوى العاملة نتيجة للجائحة. ومنها: الرقمنة، والأتمتة، والعمل عن بعد، والطلب على المقاولين المستقلين.

ويمكن القول إنّ أسواق العمل حقّقت تغييرًا يحتاج إلى خمس سنوات في غضون خمسة أشهرٍ فقط. مما دفع بالمنشآت إلى إعادة تقييم عمليات تخطيط القوى العاملة خاصتها. وأظهرت بعض استطلاعات الرأي أنّ 33% من مديري المنشآت يخططون لإنفاق المزيد على تخطيط القوى العاملة خلال العام المقبل. إلى جانب رغبتهم في منح التخطيط أولويةً أكبر من التوظيف والتعليم والتطوير والمشاركة.

ويقول الخبراء تحديدًا إن المنشآت:

  • تصيغ سيناريوهات أكثر تنوعًا على المدى القريب أثناء التخطيط على المدى البعيد، وتعيد تقييم تلك الخطط بتواترٍ أكبر.
  • تحسّن قدرتها على إعادة تدريب الموظفين، وتدريبهم المشترك، وإعادة نشرهم بسرعةٍ وسهولة.
  • تعيد تصور كيفية توظيف، واستبقاء، وإعادة نشر العاملين في عالم يشهد عددًا أكبر من العاملين عن بعد والمقاولين المستقلين.
  • تركز على فوائد حماية الصحة العاطفية، والعقلية، والجسدية للموظفين.

تغيير الخطط

يرى الخبراء أن التطور الأكثر أهمية في تخطيط القوى العاملة هو التخطيط المتكرر على فترات زمنية أقصر.

وينصحون بتعديل الخطط كل ثلاثة أشهر، مع الحفاظ على رؤية بعيدة المدى لثلاث أو خمس سنوات. إذ إنّ المهارات المطلوبة مثلًا تتغير في الوقت الحالي أسرع من أيّ وقتٍ مضى. والحل هنا يكمن في البحث عن مرشحين بمجموعة مهارات متنوعة ثم تدريبهم على نطاقٍ ضيق متى اقتضت الحاجة.

ومن المنطقي افتراض أنّ المنشأة ستحتاج إلى أشخاص يمتلكون مهارات البرمجة وتحليل البيانات خلال السنوات الخمس المقبلة مثلًا. وربما كانت المنشأة ستحتاج لمبرمجي لغة بايثون في الوقت الحالي، لكنها لا تعلم طبيعة لغة البرمجة التي قد تظهر مستقبلًا. لذا فالاستراتيجية الجيدة لأصحاب الأعمال ستكون توظيف أشخاص يمتلكون مهارات برمجة رائعة ورغبة في التعلم المستمر. وبعدها يجب التأكد من امتلاك المنشأة لهياكل تدريب فعّالة.

اعرف موظفيك

أدركت العديد من المنشآت أنّها بحاجةٍ لأن تكون قادرةً على إعادة تدريب وإعادة نشر الموظفين بشكل أسرع وأكثر فاعلية. وفي بعض الحالات، ربما يعني هذا جمع وتحليل بيانات إضافية أفضل عن مهارات الموظفين وخبراتهم. مما سيفيد في التعرف بسهولة على أفضل المرشحين داخليًا لشغل المناصب الشاغرة.

وفعلت شركة Adobe ذلك حين أعادت نشر موظفيها في مختلف الوظائف إبان الجائحة، بناءً على معرفة المديرين الشخصية بموظفيهم وخبراتهم.

ويقول خبراء الموارد البشرية إن تحديد الموظفين الذين يمكن تدريبهم على مهارات أخرى والاستفادة منهم في العديد من البرامج والأدوار المختلفة يمنح المنشأة مرونةً أكبر. إذ ستتمكّن المنشأة من تحديد المواهب والاستفادة منها بشكلٍ أكبر، دون الحاجة لإنفاق المال والوقت في تعيين وتوظيف مواهب جديدة.

وهنا تتجلّى مزايا برنامج يونوفا لإدارة الموارد البشرية. حيث تساعدك ملفات الموظفين في الإلمام بهيكل الشركة. علاوةً على تحديد مهارات كل موظف لمعرفة ما يمكنك الاستفادة منه.

التوظيف واستبقاء الموظفين

لا شك أن تجربة الاضطرار لإغلاق المكاتب وإرسال الموظفين إلى المنزل نتيجة الجائحة لها تداعيات دائمة على تخطيط القوى العاملة.

إذ وجد استطلاعٌ أجرته منشأة Gartner العام الجاري أنّ نحو 48% من الموظفين سيواصلون على الأرجح العمل عن بعد بشكلٍ كلي أو جزئي بعد انكسار الجائحة، مقارنةً بـ30% فقط كانوا يعملون من المنزل داخل الولايات المتحدة قبل أن تضرب الأزمة الصحية العالم. وهذا يوفر الأموال على أصحاب الأعمال، ويفتح الباب أمامهم للاختيار بين عدد أكبر من المرشحين في العديد من الوظائف. ذلك لأنّ التوظيف لم يعد محدودًا بالعامل الجغرافي. وبات بإمكان أي منشأة اختيار أفضل المواهب، بأقل التكاليف، وفي أي مكانٍ بالعالم.

وهذه أنباءٌ رائعة بالنسبة لأصحاب الأعمال. لكن الأنباء غير السعيدة هي أنّ جميع منافسيك على المواهب لديهم القدرة على تعيين موظفيك والسماح لهم بالعمل عن بعد. كما أنّ العاملين عن بعد يكون ارتباطهم العاطفي وروابطهم الشخصية بصاحب العمل أقل بكثير، مما قد يزيد صعوبة استبقائهم.

كما تلوح فرصةٌ أمام الموارد البشرية لتحسين العمل عن بعد عن طريق توفير التدريب والدعم. فقبل الجائحة، كان العمل عن بعد مجرد حالة استثنائية بدون الكثير من المساعدة لضمان تأدية الناس لعملهم من المنزل بفاعلية.

ولكن في ظل التوقعات باستمرار نمو العاملين الموسميين والمؤقتين، فمن الأفضل للمنشآت دمج أولئك الأفراد بشكلٍ أفضل في تخطيطها الاستراتيجي.

ركّز على الأشخاص

سلّطت الجائحة الضوء على أهمية احترام الموظفين بصفتهم من البشر. لذا ضاعفت العديد من المنشآت مزايا الرعايا لموظفيها على المدى البعيد.

وتاريخيًا، يقضي قادة المنشآت الكثير من الوقت في الحديث عن المهارات والقدرات التي يحتاجونها من موظفيهم حتى تنجح المنشأة. لكن كوفيد-19 ربما كشف أنّ علينا توجيه المزيد من الاهتمام إلى احتياجات الموظفين التي يمكن للمنشآت تلبيتها.

وتلبية تلك الاحتياجات ربما تمثل العامل التنافسي الكبير المقبل لجذب أكبر المواهب.

وقد زاد هذا التركيز من نفوذ إدارات الموارد البشرية في العديد من المنشآت. وللمرة الأولى منذ وقتٍ بعيد، بدأ الجميع يلتفتون إلى الموارد البشرية لإجابة السؤال التالي: “ما الذي سنفعله؟”. إذ باتت الموارد البشرية العنصر الاستراتيجي الأهم داخل كل منشأة.