الصحة العقلية

 

الصحة العقلية ومشكلاتها السائدة بشكلٍ متزايد مؤخرًا أدت في كثيرٍ من الأحيان لظهور مناهج غير ملائمة وتفاعلية إبان جائحة كوفيد-19. حيث تجلّى ذلك خاصةً داخل المنشآت التي ركّزت في أوقات عدم اليقين على النتيجة النهائية أكثر من رفاه الموظفين.

كذلك دفع الأمر بالعاملين إلى بذل جهدٍ أكبر من أيّ وقتٍ مضى في العمل لإثبات قيمتهم. إلى جانب مساعدة صاحب العمل في تغطية نفقاتهم، أو تعويض العمل للموظفين في إجازةٍ غير مدفوعة الأجر. إذ يفعل كثيرٌ منهم ذلك بمفردهم، من المنزل، وسط أماكن تجعل الإنتاجية صعبة.

ولم تكن الأساليب التفاعلية التقليدية لدعم صحة الموظفين العقلية كافية بمفردها، مثل برامج مساعدة الموظفين، ولن تكون بالتبعية كافيةً الآن. إذ يفتقر الموظفون في العديد من المنشآت إلى الدعم اليومي الذي كانوا يتلقونه من زملائهم. كما يعجزون عن طلب الدعم الشخصي التقليدي في ما بينهم.

كذلك أظهر استطلاعٌ حديث من جمعية مزايا ومكافآت الموظفين أنّ ثمانية من أصل كل 10 من أصحاب الأعمال تلقوا طلبات دعم أكثر للصحة العقلية إبان الجائحة مقارنةً بالماضي.

الوقاية خيرٌ من العلاج

بالطبع لا تستطيع المنشآت الآن العمل بنماذج الرعاية التي تبدأ فقط بمجرد تدهور الصحة العقلية للشخص. حيث أن الوقاية خيرٌ من العلاج.

إذ تمكّن التقنية أصحاب الأعمال من منح جميع العاملين بالمنشأة قدرة الحصول على تشخيص رفاهٍ عقلي، قبل صياغة التدابير الاستباقية. وجدير بالذكر أنّ جميع هذه العوامل ضروريةٌ من أجل تحسين الصحة العقلية في مكان العمل بطريقةٍ قابلة للتطوير ومجدية من ناحية التكلفة، مقارنةً بالدعم الشخصي التقليدي الذي يقتصر عادةً على الأغنياء بشدة أو المحتاجين بشدة.

بينما أعدت شركة Deloitte تقريرًا حول الصحة العقلية بعد إجراء لقاءات مع أصحاب الأعمال. ووجد التقرير أنّ أصحاب الأعمال وجدوا أنّ العائد على الاستثمار في برامج الصحة العقلية، والفحص، وردود الأفعال، والإحالات الرقمية داخل مكان العمل كان أكبر بكثير من الاستثمار في العلاج الشخصي. حيث أن الفارق وصل إلى 11.2 جنيه استرليني لكل جنيه استرليني، مقابل 1.4 جنيه استرليني لكل جنيه استرليني على الترتيب.

ومن خلال خفض حواجز الوصول، تستطيع المنشآت تمكين موظفيها من إدارة وقياس وتحسين رفاههم العقلي بشكلٍ استباقي. في أي وقت ومن أي مكان.

بينما تتيح لنا القياسات النفسية وتقنية التصميم تتبّع عقولنا، وتصوّرها، وفهمها. وبالتالي عند جمعها بالعلاج السلوكي المعرفي وعلم النفس المعرفي، نستطيع اتّخاذ خطوات ذات مغزى لتغيير عاداتنا ورعاية رفاهنا بأسلوب استباقي.

علاوةً على ذلك، تؤدّي هذه الخدمات دورًا في إزالة الوصمة الاجتماعية عن الصحة العقلية. لذلك فهي بمثابة مساحةٍ آمنة للأشخاص ليبدأوا رحلتهم نحو التعافي -ويعرفوا عنها، ويقيسوها، ويحسّنوا صحتهم العقلية بطريقةٍ تمنحهم القوة والأصالة.

تدريب الصحة العقلية

رغم ذلك، يستحيل تنفيذ هذا الأمر أو غيره من أدوات الصحة العقلية في مكان العمل بدون تدريبٍ ملائم. إذ يمكنك أن تمتلك أفضل الأدوات في العالم، ولكن في حال عدم تدريب الموظفين وأصحاب العمل على استخدامها وتحديد هوية من يحتاج الدعم، فما الفائدة منها؟

لذلك فإنّ هذا تدريب ضروريٌ للغاية داخل المنشأة، من أجل مساعدة الموظفين في رصد علامات احتمالية وجود خطأ. بالإضافة إلى توفير منفذ اتصال أوّلي لمن يحتاجون المساعدة.

وبالتالي فإنّ هذا جزءٌ مهم من لغز فهم صحتنا العقلية. لكن تدريب الصحة العقلية باهظ الثمن عادةً ويقتصر على عددٍ ضئيل من الشخصيات المهمة بالمنشأة، ويكونون عادةً في المناصب الإدارية.

لذلك إذا أردنا فعلاً جعل فهم الصحة العقلية متاحًا للجميع، فعلينا توسيع نطاق القادرين على الحصول عليه. فوفقًا لدراسةٍ أجرتها شركة Business in the Community، يشعر 44% من الموظفين فقط بالارتياح في الحديث لمديريهم عن صحتهم العقلية.

وبالتالي يوضح هذا أنّ المبادئ المطلوبة لبناء مكان عمل سليم عقليًا والحفاظ عليه، تأتي من أسفل إلى أعلى والعكس صحيح.

والأهم من ذلك هو أنّ إثراء فهم منشأتك الكامل للصحة العقلية سوف ينشيء نظامًا بيئيًا إيجابيًا وداعمًا. ونتيجةً لذلك يمكن للموظفين الشعور بالرفاهية ودعم بعضهم البعض داخل هذا النظام.

الرقمنة والأتمتة

لا شك أنّ الإجابة مرةً أخرى تكمن في التقنية. إذ بإمكاننا، بل ويجب علينا، الاستفادة من قدرة التقنية على الوصول إلى كل موظف في المنشأة بغض النظر عن حجمها. حيث يكون هذا الوصول متاحًا على مدار الساعة وحول العالم.

كذلك تساعد ملفات الموظفين على برنامج يونوفا في أرشفة كامل البيانات، ومنحك صورة عامة عن هيكل الشركة. وبالتالي من خلال البرنامج تستطيع أيضًا تحليل أداء الموظفين، ومعرفة نوع المساعدة التي قد يحتاجها كلٌ منهم.

علاوةً على ذلك، يسهل البرنامج على الموظفين طلب الإجازات المرضية على الإنترنت بكل سلاسة، ومتابعة حالة الطلب فوريًا.

ناهيك عن أنه يجب أن يكون تدريب الصحة العقلية الرقمي جزءًا من ذلك أيضًا. وهذا حتى يكمّل بذلك النهج الاستباقي للصحة العقلية، ويضمن أن تمنح المنشآت موظفيها الموارد والدعم اللازمين للازدهار خلال الأوقات العصيبة.